الاستفتاءات
يتضح الحال بالتدبر في جملة قواعد معرفية :
١- الحسم النهائي للحساب ليس في القبر ولا البرزخ ولا الرجعة ولا مراحل القيامة بل في نهاية القيامة .
٢- الإيمان تأثيره عمدة في المصير الأبدي وتأثير الأعمال عمدة في المسير في العوالم اللاحقة .
٣- لا حسم للجزاء بأول اللقاء في القبر والبرزخ بل يتبدل بحسب سلسلة ملف الأعمال فقد يكون أول اللقاء حسنا ثم يتبدل إلى السوء ويبقى متبدلا بحسب سلسلة الأعمال وهكذا عكس ذلك .
٤- قد ورد أن المؤمن يمحص إما في الدنيا أو نزع الروح أو في القبر أو البرزخ أو عقبات القيامة إلى أن يفد نهايات القيامة طاهرا مستعدا لدخول الجنة ، بينما الكافر ينعم إما في الدنيا أو في نزع الموت أو القبر والبرزخ أو عرصات القيامة إلى أن يوافي نهاية القيامة وهو خاوي الخزينة فيدخل النار بكفره .
٥- قبول الأعمال مداره دخول الجنة وهو يغاير الجزاء على العمل ، فالجزاء على العمل الحسن في العوالم ما قبل الجنة ليس قبولا للعمل ، كما أن الجزاء على العمل السيء في العوالم -المتقدمة على المصير الأبدي- لا يعني عدم النجاة بالإيمان في المصير الأبدي .
٦- قد ورد أن بعض المؤمنين يدخل أعالي درجات النار حتى يطهر فيخرج منها ، بخلاف الكافر فإنه قد يجازى خيرا في النار لأعماله الحسنة لكنه لا يستحق الخروج من النار .
٧- قد جازى الله تعالى إبليس لعبادته – السابقة على عصيانه وتمرده – بسلطان في الملكوت البرزخي وبعض طبقات السماوات ولا زال هذا الجزاء مستمرا إلى يوم الوقت المعلوم لكنه لا يقتضي ذلك حسن عاقبة إبليس في نهاية القيامة .
٨- بعض الأعمال الحسنة لا سيما المرتبطة بالإيمان والولاية قدر جزاؤها بيوم القيامة أو الجنة لا بالقبر ولا بالبرزخ ولا بالرجعة بخلاف الأعمال الحسنة العامة الخيرية فإن جزاءها كثيرا ما مقدر بالقبر والبرزخ وأحوال أوائل القيامة ، كما هو الحال للجزاء على الأعمال في دار الدنيا ولو كان كافرا أو مؤمنا .
٩- اختلاف موطن الجزاء على الإيمان عن موطن الجزاء على الأعمال – هو خلاصة ما تقدم من النقاط وهو الذي دفع الصوفية والعرفاء إلى توهم أن الإيمان والمعرفة لا دخل لهما في النجاة وأن خيرية الأعمال هي المدار للنجاة الأبدية .
١٠- قد ورد أن الموتى إما مؤمن أو كافر أو ضال مستضعف قاصر أو مقصر ، فالمستضعف يلهى عنه واللذان يحاسبان هما المؤمن والكافر ،
وهذا التقسيم غير خاص بالاعتقادات بل بالإضافة إلى كل عمل وجار في أحكام الأعمال ، فإما أن يعلم بحكم ذلك العمل ، فما قامت الحجة عليه من الأصول أو الأحكام ولو بحسب الفطرة فهو إما مؤمن أو كافر أو مستضعف إن لم تتم الحجة عليه أو لم تستكمل ، ومقتضى أن المستضعف يلهى عنه في القبر أنه لا يحاسب على ما جهله من حكم بعض الأعمال ، ويجزى بمقدار ما عمل بما اتضح له من محجة الدين الفطرية بحسب فطرته التي فطر عليها .