الاستفتاءات
١- الإشكالية ليست في علم الرجال بل المشكلة في عدم اطلاع الجو العلمي العام على تعددية المدارس الرجالية .
٢- والعضال في عدم الاطلاع على مبنى المشهور في المسلك الرجالي ، مع أن الزعيم الراحل السيد الخوئي قده يصرح في مقدمة معجم الرجال أن مسلكه في قواعد علم الرجال يخالف المشهور في جلها .
٣- والعقدة تكمن في عدم الاطلاع على أن المسلك الرجالي السائد للسيد الخوئي أيضا لو تبنيناه فهناك وجوه وتقريبات على مسلكه لاعتبار كل التراث بلا تملص من أي جزء من التراث إلا أن هذه الوجوه تتوقف على تضلع في زوايا علم الأصول و تنبه وفطنة إلى مواد وصناعة علم الرجال .
٤- ثم إن الاعتبار القطعي الإجمالي لتراث الحديث كله لا يتوقف على علم الرجال كما صرح بذلك كل علماء الأصول في بداية مبحث الانسداد سواء من تبنى منهم نظرية الانسداد أو من رفضها حيث قرروا وجود العلم الإجمالي الكبير الملزم إجمالا بالعمل بتراث الحديث .
٥- وهذا العلم ليس ناشئا من أدلة الاعتبار الظني للخبر الواحد ، بل العكس فإن أدلة الاعتبار الظني للخبر الواحد هي ناشئة ومتولدة من هذا العلم الإجمالي الكبير القطعي باعتبار تراث الحديث إجمالا ، فالدليل الإجمالي مقدم على الدليل الظني التفصيلي المحدود لقطعية وسعة وهيمنة الإجمالي الأول .
٦- كما أن علم الرجال متولد هذا العلم الإجمالي الكبير القطعي باعتبار تراث الحديث إجمالا والعمدة عند علماء الرجال استكشاف حال الرواة من متون الروايات التي يرويها أولئك الرواة فيستكشفون مذهبه وحاله مما يرويه لا العكس .
٧- وإنما أدلة اعتبار خبر الواحد هي للاعتبار الظني التفصيلي للأخبار لأجل المعذورية من تنجيز العلم الإجمالي الكبير ، وهذا ما يغفل عنه الأكثر وقد نبه على هذا السر الصناعي جل علماء الأصول في مبحث الانسداد
فالعلم الاجمالي الكبير في تراث الحديث هو المنجز والدليل الظني المعتبر مفرغ وظني لا قطعي ولا منجز بالأصالة .
٨- إن جلّ المتقدمين كالمفيد والمرتضى والصدوق والكليني والنجاشي وابن الغضائري الأب والابن والطوسي لم ينعتوا الحديث بالصحة كوصف للطريق بل الصحة عندهم وصف لمتن الحديث ووصف للحديث بلحاظ متنه وعليك بالتتبع والتقصي لاستعمال وصف صحة الحديث في كتاب رجال النجاشي والطوسي والغضائري وكتب الحديث كالكتب الأربعة وغيرها ، وكذلك ابن البراج وابن حمزة وابن زهرة والحلبيون وابن إدريس بل هو حقيقة مبنى ابن قبة المعروف .
٩- فلا يبني المتقدمون على كون المدار في الحجية والصحة للحديث على وثاقة رواة الطريق بل المدارية عندهم على صحة المتن لا صحة الطريق ، والطريق عندهم ليس إلا ضميمة من مجموع القرائن .
١٠- والعمدة عندهم على مطابقة متن الخبر لشبكة متون مجموع الروايات في الباب المعين وكون مفاد متنه منتسبا وراثيا مع السلسلة الوراثية لقبائل طوائف الروايات فدستورية القانون ليست بالناطق الرسمي الموثوق بل بمطابقة متنه لمتن القوانين الدستورية وهو معنى موافقة الكتاب والسنة وعدم مخالفتهما
فالحجية الناشئة من المطابقة لمحكمات الكتاب والسنة الثبوتية أعظم من الحجية الإثباتية الآتية من وثاقة الراوي .
١١- وهذا المسلك مطابق للسيرة العقلائية في القوانين لديهم أن صحة وقانونية القوانين التفصيلية ودستوريتها إنما هو بمطابقتها للقوانين الأم الدستورية أو بمطابقتها للقوانين الأعلى منها طبقة وهو معنى صحة المتن
كتطابق القوانين الوزارية للقوانين البرلمانية أو كتطابق القوانين البلدية للقوانين الوزارية أو كتطابق القوانين البرلمانية للقوانين الدستورية الأعلى منها أو كتطابق القوانين الدستورية لديباجة الدستور الأعلى منها فكل طبقة من القوانين تطابق ما هو أعلى منها طبقة وهذا معنى صحة المتن ومعنى دستورية القوانين .
١٢- ومسلك حجية وصحة المتن أي أن صحة الحديث وحجيته مدارها المتن لا الطريق ولا حال الرواة ، هو مبنى الوحيد البهبهاني وطبقات تلاميذه الذين تبنوا مسلك الانسداد .
١٣- وأما ضرورة وفائدة علم الرجال فهو كعلم التأريخ فهو للاحتفاظ بالدلائل والقصاصات والشواهد لتتراكم لتكميل الصورة الواضحة عن هوية كتب وتراث المذهب سواء في كتب الحديث أو السيرة والآثار أو التأريخ ، ولاستكشاف حال وأحوال كتب الحديث ونسخها وتأريخها ولتظافر مواد ودلائل هوية تراث الحديث وهوية المذاهب والفرق وطبقات الرواة واستكمال الصورة الواضحة حول تأريخ الحديث وتأريخ كتبه وتأريخ رواته وتأريخ مدارسه .